السعودية تسعى لتنفيذ القرار 1559 ونزع سلاح حزب الله
الأخبار
كتبت ميسم رزق: رغم مجاراتها في بعض الإجراءات على خلفية “أزمة القرداحي”، إلا أن الإمارات لا تزال تضمر سياسة متمايزة عن سياسة السعودية في لبنان، دافعها الأهم هو العامل الاقتصادي، لذا تتصرف بأسلوب يصفه البعض بالواقعي، بينما تذهب الرياض أكثر إلى التشدد ما يجعل التعويل على الدور المصري وزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مبالغاً فيها
يعود زوار السعودية بانطباعات مختلفة تماماً عما بدأ يتردد أخيراً عن بداية تحول في موقف الرياض من الأزمة الأخيرة، الجميع ينتظرون زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للرياض بداية الشهر المقبل، ويراقب آخرون تحركات واجتماعات غير علنية تجرى في القاهرة، مع تداول معلومات عن أن العاصمة المصرية تقترب من فتح كوة في الجدار السعودي – اللبناني، وأن المملكة ستستفيد منها لتخفيف حجم التصعيد الذي استوجبه افتعال الأزمة مع لبنان
وتردد أيضاً أن الرياض ستبدأ بالتراجع عن بعض الإجراءات التي اتخذتها، لا سيما الاقتصادية منها، ولعل هذا الاطمئنان مصدره رهان على خرق فرنسي، لكنه رهان لا يبدو واقعياً بحسب شخصيات على تواصل مع المسؤولين السعوديين الذين يتحدثون عن مشكلة أولى بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وماكرون نفسه، وهي مشكلة تحتاج إلى علاج قبل أن يتحول ماكرون إلى وسيط بين السعودية ولبنان
التسريبات الواردة من الرياض تفيد بأن الموقف السعودي لم يتبدل، ونقل عن مسؤولين فرنسيين زاروا العاصمة السعودية تحضيراً لزيارة ماكرون، أنهم فوجئوا برفض سعودي مطلق للبحث في الملف اللبناني، وتوافرت معلومات لدى جهات لبنانية على اتصال بالسعوديين تؤكد أن العنوان المقبل للسياسة السعودية هو القرار 1559 والتركيز على نزع سلاح حزب الله
أما أصدقاء مصر في لبنان، فيتحدثون عن سعي القاهرة للقيام بدور لا تملك ثمنه، ولا يتوقع أن ترفض الرياض مبدأ الوساطة، لكنها ستسأل عن الضمانات. وعليه، يؤكد هؤلاء ومعهم العارفون بأحوال المملكة أنها ستزيد من تشددها. لكن الدور المصري يبقى أساسياً في ظل عدم قدرة العواصم الخليجية على القيام بأي دور من شأنه إغضاب الرياض، وعدم وجود حماسة أميركية لمبارزة ابن سلمان من بوابة الملف اللبناني. لكن الأمر يظل رهن ما يحققه الأميركيون في تواصلهم مع السعوديين لتتمكن مصر من الدخول مباشرة إلى الملف
من يؤكد على استمرار تشدد الموقف السعودي، يعزو ذلك إلى مؤشرات عدة بينها
أولاً: فشل المحاولات السعودية في الأشهر الماضية في فرض وقائع ميدانية في اليمن تعطيها حصة من التسوية في المنطقة. وبالتالي، فإنها لن تبيع الورقة اللبنانية بأبخس الأثمان
ثانياً: أصبح السعوديون أكثر توتراً بعد الموقف اللبناني من التصعيد الخليجي. إذ لم تتوقع الرياض تعاملاً لبنانياً متماسكاً. صحيح أن هذا الموقف حمل حرصاً على العلاقة مع دول الخليج، لكنه بقي حازماً. وبالتالي، فإن تلمس السعوديين فقدانهم جزءاً من هيبتهم على الساحة اللبنانية يشعرهم بأن عليهم التشدد أكثر
ثالثاً: وهو العنصر الجديد المتعلق بما يطلق عليه اليوم “التمايز الإماراتي”، إذ يبدو للجميع أن هناك اختلافات بين أبوظبي والرياض حول ملفات شائكة مثل اليمن وسوريا. صحيح أن الإمارات لن تدخل في مواجهة مع السعودية، وهي تقف إلى جانبها في الموقف من الأزمة اللبنانية، إلا أن ذلك لا يخفي أن للإمارات مشروعاً مختلفاً، حيث تظهر واقعية تعكس فشل رهاناتها السابقة، وهي تحاول فتح صفحة جديدة، سواء مع سوريا وإيران، فضل عن تركيا التي تقاطعت مصالحها مع استئناف العلاقات مع الإمارات برغم الخلاف الكبير بين الجانبين حول الإخوان المسلمين
وتتجه الإمارات لإطلاق استثمارات في تركيا وتوقيع اتفاقيات في عدة مجالات. أضف إلى ذلك، الانزعاج شبه العلني من جانب الرياض بانفراد الإمارات الدخول في مشروع الماء مقابل الكهرباء مع الأردن وإسرائيل، بشكل أثار حفيظة الرياض التي أعلنت قبل شهر من مبادرة الشرق الأوسط الأخضر
يرى مقربون من أبوظبي أن الإمارات تريد أن يكون لبنان من ضمن سلة التفاهمات الجاري العمل عليها. وإذا كانت قد اتخذت بعض الإجراءات تضامناً مع المملكة، فإن إجراءاتها بقيت مقبولة بالنسبة إلى دول خليجية أخرى كالكويت
ويقول هؤلاء إن الإمارات سايرت السعودية في ما خص الرئيس سعد الحريري، لكن المصالح الإماراتية في لبنان تستدعي منهم عدم الذهاب بعيداً في معاداة لبنان، فأهم دافع لدخول الإمارات على الساحة اللبنانية هو الدافع الاقتصادي، وهي تعلم أن مشاريعها تحتاج إلى ترتيب الجو المؤائي، ولا سيما إن كانت تتعلق بقطاع الغاز والنفط، مع ما يحكى عن إمكانية دخول شركات إماراتية على الخط ربطاً بملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً مع فلسطين المحتلة. هذا الأمر قد يؤدي إلى ردة فعل سعودية تدوزن الحركة الإماراتية، ففي حالة التصعيد لن يكون بمقدور الإمارات المجازفة بتعريض علاقتها مع المملكة للخطر
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.